في التاسع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1947، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم (181) الذي يقضي بتقسيم فلسطين التاريخية إلى دولتين؛ واحدة عربية فلسطينية والثانية يهودية، وينص القرار على أن تحصل الدولة اليهودية على 56,47% من أرض فلسطين، أما الدولة العربية فقد منحت 43,53% من الأرض، كما تقرر أن تصبح مدينة القدس كلها تحت الإشراف الدولي.
شعور الفلسطينيين بالظلم دفعهم إلى رفض القرار بأشكال مختلفة، في حين شرعت المنظمات الصهيونية المتطرفة بممارسة أبشع مجازر التطهير العرقي، بهدف تشريد الفلسطينيين من مدنهم وقراهم، في المناطق التي أصبحت ضمن أراضي الدولة اليهودية، وفي سياق هذه الخطة تم ارتكاب سلسلة من المذابح، أبرزها مذبحة قرية دير ياسين غرب القدس في 9 نيسان/ابريل من عام 1948م، والتي راح ضحيتها عشرات المدنيين الفلسطينيين الأبرياء.
دائرة العنف هذه لم تبدأ -على أية حال- مع هذا القرار وتداعياته، بل قبل ذلك بثلاثة عقود، وبالتحديد عام 1917 عندما وعدت بريطانيا العظمى يهود العالم بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين فيما يعرف بوعد بلفور المشؤوم ، وتم البدء بتنفيذ هذا الوعد على الأرض في ظل سلطة الانتداب البريطاني، وذلك بتكثيف الهجرة اليهودية، والاستيلاء على الأرض الفلسطينية. مقابل هذا المخطط تبلورت الحركة الوطنية الفلسطينية، وطورت مع الوقت أشكالا مختلفة للمقاومة.
التطور الأخطر في هذه الحقبة هو نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، بعد أن قررت بريطانيا إنهاء انتدابها لفلسطين في 15/أيار من عام 1948م، واندلاع الحرب العربية - الإسرائيلية الأولى، التي كان من نتائجها تشريد أكثر من 800ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم، واستيلاء المنظمات الصهيونية المسلحة على 78% من أرضنا الفلسطينية، بما فيها الجزء الغربي من القدس، كما تم ضم ما تبقى من الأرض الفلسطينية إلى دول الجوار (الضفة الغربية للمملكة الأردنية الهاشمية، وقطاع غزة تحت الإدارة المصرية). وبذلك اختفت فلسطين عن خارطة الشرق الأوسط جغرافياً وسياسياً، كما تم طمس الهوية الوطنية الفلسطينية، وتحولت الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني إلى لاجئين في الدول العربية المجاورة؛ الأردن وسوريا ولبنان، وبنسبة أقل في مصر والعراق ودول عربية وعالمية أخرى.
وفي حرب حزيران/يونيو 1967 احتلت اسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، إضافة إلى هضبة الجولان السورية وصحراء سيناء المصرية، ومرة أخرى دفع الشعب الفلسطيني ثمن هذه الحرب من خلال نزوح ربع مليون فلسطيني إلى الأردن، مما عمق المأساة والصراع في الشرق الأوسط برمته.
الثورة الفلسطينية المعاصرة:
بالرغم من هذا التطور الخطير، إلا أنَّ الشعب الفلسطيني حافظ على تمسكه بهويته الوطنية، وحلمه في العودة إلى فلسطين، وفي عام 1964 تم تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية بقرار من القمة العربية .
وفي فجر الأول من كانون ثاني /يناير عام 1965 أفاق الشعب الفلسطيني والعالم بأسره على صوت يعلن انطلاق الثورة الفلسطينية المسلحة، وهنا برز دور القائد الشهيد ياسر عرفات؛ ليرسم الخارطة السياسية من جديد، كانت البندقية الفلسطينية لا تعرف النوم ، واستطاع هذا القائد أن يحول خيام اللاجئين من أمكنة بؤس تنتظر هيئات الإغاثة الدولية إلى مشاعل أمل تحلم بالعودة ، وتزرع التصميم والإرادة على حتمية تحرير الارض وعودة اللاجئين إلى بيوتهم وقراهم. وانطلقت الكوكبة تلو الكوكبة لتعمد بدماء الشهداء طريق الثورة.
وما أن مضت بضع سنوات حتى أصبح هذا القائد رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي أصبحت فيما بعد بفضل نضالات طويلة ومريرة على كافة الاصعدة ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده،
وكان للدبلوماسية الفلسطينية إلى جانب البندقية المقاومة الدور الاكبر في إعادة اسم فلسطين على الخريطة السياسية العربية والعالمية، بل وأصبحت منظمة التحرير الفلسطينية الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه في المنطقة.
لم تقتصر مسيرة منظمة التحرير الفلسطينية على حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح رغم أنها كانت العمود الفقري للمنظمة، فقد ظهرت عدة حركات فلسطينية مقاومة وضعت بصماتها في خندق النضال الفلسطيني، فكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وغيرها من الفصائل الوطنية التي توحدت تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية.
في عام 1974 اعترفت الأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومنحتها صفة مراقب في المنظمة الدولية ومؤسساتها المختلفة، وفي نفس العام تم استكمال الاعتراف العربي بالمنظمة، وتبعه الاعتراف الدولي شبه الشامل.
وفي نهاية عام 1987 اندلعت الانتفاضة الشعبية الأولى كرد على الاحتلال الإسرائيلي وممارساته التعسفية، ومعبرة عن إرادة الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال الوطني. أدت هذه الانتفاضة إلى تفهم أعمق للقضية الفلسطينية من قبل المجتمع الدولي، وأثرت على الوعي الإسرائيلي، الذي بدأ يدرك أنه لا يمكن الاستمرار بالسيطرة على شعب آخر، كما فتحت الطريق أمام القيادة الفلسطينية لاتخاذ قرارات حاسمة تجاه التفاوض مع اسرائيل.
اتخذت منظمة التحرير الفلسطينية قرارا تاريخيا عبر المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان المنفى) بالاعتراف بقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي وفي مقدمتها قراري: 242 و 338 وكافة قرارات الجمعية العامة بما فيها القراران:181 و 194 كأساس لأية تسوية سياسية مع اسرائيل، وهذا ما فسر أن المنظمة قد قبلت بنهج التفاوض، كما تم إعلان دولة فلسطين المستقلة في المنفى على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة.
وفي 13 أيلول/ سبتمبرمن عام 1993 اتخذت قيادة المنظمة قرار توقيع اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) في البيت الأبيض، وهو الاتفاق الذي أعطى الشعب الفلسطيني فرصة إقامة سلطتهم الوطنية على أرضهم. وضمن مسلسل الاتفاقات جاء اتفاق غزة – أريحا أولا في 14 أيار/ مايو 1994 والذي سمح بإقامة السلطة الفلسطينية في قطاع غزة وأريحا، وفي اتفاق المرحلة الانتقالية الذي وقع في 28 أيلول/ سبتمبر 1995 والذي وسع نطاق السيادة الفلسطينية لتشمل المدن والبلدات الفلسطينية.
ومن أهم القضايا التي ينص عليها اتفاق المرحلة الانتقالية، هو تأسيس مجلس تشريعي فلسطيني يتألف من 88 عضوا، يمثلون كل المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بما فيها القدس الشرقية المحتلة، وهذا يعني أن من حق الشعب الفلسطيني أن يكون له سلطة وطنية كاملة مؤلفة من 3 سلطات: تشريعية وتنفيذية وقضائية، تماما كما هو معمول به في أي نظام سياسي ديمقراطي.
تأسيس المجلس التشريعي الفلسطيني:
في العشرين من كانون الثاني/يناير 1996 توجه أبناء شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية إلى صناديق الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم للمرة الأولى في تاريخهم، في انتخابات عامة ديمقراطية حرة ومباشرة؛ لاختيار رئيسهم للسلطة الوطنية الفلسطينية، واختيار ممثليهم في المجلس التشريعي الفلسطيني.
تمت الانتخابات برعاية دولية، وبإشراف أكثر من ألفي مراقب، يمثلون أربعين دولة وعشر منظمات دولية، وأربعين منظمة غير حكومية، إضافة إلى المراقبين المحليين وعدد كبير من الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، حيث قدم الجميع شهادات ايجابية عن سير الانتخابات ونزاهتها.
شكلت هذه الانتخابات الخطوة الأولى في عملية الانتقال من حالة الثورة إلى حالة الدولة، وبناء المجتمع المدني الديمقراطي ودولة القانون والمؤسسات، كما مثلت هذه الانتخابات انحيازا فلسطينيا لخيار الديمقراطية وتعبيرا عن الإرادة الشعبية الأكيدة في المشاركة في صنع القرار.
كان الاقبال الشعبي للمشاركة في عملية التصويت كبيرا؛ إذ بلغت نسبة المقترعين ممن يحق لهم الإدلاء بأصواتهم 73.34 % في الضفة الغربية و86.34 % في قطاع غزة، فبلغت المشاركة في الضفة الغربية وقطاع وغزة معا 79.9 % وذلك لاختيار 88 عضوا من أصل 672 مرشحا؛ لملء مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني.
وقد عكس توزيع المقاعد في المحافظات الفلسطينية الست عشرة الحجم السكاني لكل محافظة، حيث احتلت محافظات الضفة 51 مقعدا، في حين خصص لمحافظات قطاع غزة 37 مقعدا، وكان توزيع المقاعد على المحافظات حسب الجدول التالي:
جدول توزيع نواب المجلس الأول على الدوائر حسب عدد السكان
الرقم
|
اسم الدائرة
|
عدد المقاعد
|
1
|
القدس
|
7
|
2
|
غزة
|
12
|
3
|
بيت لحم
|
4
|
4
|
جنين
|
6
|
5
|
الخليل
|
10
|
6
|
جباليا
|
7
|
7
|
سلفيت
|
1
|
8
|
طولكرم
|
4
|
9
|
طوباس
|
1
|
10
|
قلقيلية
|
2
|
11
|
نابلس
|
8
|
12
|
رام الله
|
7
|
13
|
خانيونس
|
8
|
14
|
دير البلح
|
5
|
15
|
رفح
|
5
|
16
|
أريحا
|
1
|
|
المجموع
|
88
|
وشارك في هذه الانتخابات ستة عشر حزبا وحركة سياسية، إضافة إلى عدد من المستقلين، وقد احتل الفائزون من الذكور 83 مقعدا، (94.3 %) في حين نجحت في هذه الانتخابات 5 نساء (5.7 %) من أصل 25 مرشحة خضن العملية الانتخابية للحصول على عضوية المجلس التشريعي.
وفي 7 آذار/مارس 1996 افتتح الرئيس الراحل ياسر عرفات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الجلسة الأولى للمجلس التشريعي بحضور ضيوف ممثلين لأكثر من 60 دولة.
تركيبة المجلس:
قسَّم النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني أعضاء المجلس ال88 إلى هيئتين رئيسيتين، الأولى: هيئة مكتب رئاسة المجلس، والثانية : اللجان البرلمانية الدائمة، كما للمجلس مؤسسة إدارية مركزية ومكاتب فرعية للدوائر الانتخابية الست عشرة.
هيئة مكتب رئاسة المجلس:
تتكون هيئة مكتب الرئاسة من رئيس المجلس ونائبين ( النائب الأول والنائب الثاني) وأمينا للسر، ويتم انتخاب أعضاء هيئة المكتب فرديا وبالاقتراع السري في بداية كل دورة برلمانية، والتي تصادف الأسبوع الأول من آذار/ مارس من كل عام.
احتفظ النائب أحمد قريع أبو علاء برئاسة المجلس لسبع دورات برلمانية متتالية، وبعد تولي قريع رئاسة الوزراء، تم انتخاب النائب رفيق النتشة رئيسا للمجلس التشريعي بتاريخ : 3/11/2003 وفي بداية الدورة التاسعة بتاريخ:12/3/2004 انتخب أعضاء المجلس التشريعي روحي فتوح رئيسا للمجلس، والذي أعيد انتخابه رئيسا في الدورة العاشرة.
تناوب على منصب النائب الأول كل من النواب: ناهض الريس في الدورة الأولى، وإبراهيم أبو النجا للدورات الثانية وحتى نهاية الثامنة، و د. حسن خريشة في الدورتين التاسعة والعاشرة.
شغل منصب النائب الثاني كل من النواب:متري أبو عيطة للدورات الأولى والثانية، وتولى بعده د غازي حنانيا حتى نهاية الدورة العاشرة
أما أمانة السر، فقد حافظ النائب روحي فتوح على منصبه في الدورات الثماني الأولى، ثم جاء النائب أحمد نصر ليشغل هذا المنصب في الدورتين التاسعة والعاشرة.
مهام الرئيس وأعضاء هيئة المكتب:
يمثل الرئيسُ المجلسَ في كل المحافل، ويتحدث باسمه، ويرعى تطبيق أحكام القانون الأساسي والنظام الداخلي للمجلس، ويحافظ على أمنه ونظامه، وهو الذي يفتتح الجلسات ويعلن انتهاءها ويدير المناقشات فيها، وهو المسؤول عن حسن سير أعمال المجلس، وعلى علاقاته جميعها.
يتولى النائب الأول رئاسة المجلس في حال غياب الرئيس ، كما يتولى النائب الثاني رئاسة المجلس وجلساته في حال غياب الرئيس ونائبه الأول، وفي حال غياب الرئيس ونائبيه يتولى رئاسة المجلس أكبر الأعضاء سنا.
أما أمين السر فقد كان في المجلس التشريعي الأول يشرف على جميع الشؤون الإدارية، ويعمل على تنفيذ قرارات المجلس وتبليغها للجهات المعنية، وضبط وحفظ وثائق المجلس، وفي نهاية الدورة العاشرة أدخل المجلس التشريعي تعديلات على نظامه الداخلي، وذلك في 23 /2 /2006 حيث فصل المستوى السياسي والبرلماني عن المستوى الإداري، وانتقلت معظم صلاحيات أمانة السر إلى الأمانة العامة للمجلس التشريعي
اللجان البرلمانية الدائمة:
أقر النظام الداخلي عشرة لجان برلمانية دائمة متخصصة، وتعتبر هذه اللجان أداة المجلس الرقابية والتشريعية، فهي أشبه بالمطبخ الذي تعد فيه مشاريع القوانين والتقارير الرقابية، وتقترح التوصيات التي غالبا ما يتبناها المجلس كقرارات له، وهذه اللجان هي:
لجنة القدس، ولجنة الأراضي ومقاومة الاستيطان، ولجنة شؤون اللاجئين ( اللاجئين والنازحين والمغتربين) الفلسطينيين، واللجنة السياسية، واللجنة القانونية، ولجنة الموازنة والشؤون المالية، واللجنة الاقتصادية (الصناعة والتجارة والاستثمار والإسكان والتموين والسياحة والتخطيط والمصادر الطبيعية والثروة المائية والبيئة والطاقة والزراعة)، ولجنة التربية والقضايا الاجتماعية( التربية والتعليم والإعلام والشؤون الدينية والآثار والشؤون الاجتماعية والصحة والعمل والعمال والأسرى والشهداء والجرحى والمقاتلين القدامى والطفولة والشباب والمرأة)، ولجنة الداخلية والأمن والحكم المحلي، ولجنة الرقابة وحقوق الانسان والحريات العامة
وهناك لجنة خاصة تسمى لجنة شؤون المجلس وتتكون من هيئة مكتب الرئاسة وعدد من الأعضاء، وتقوم بمساعدة هيئة المكتب في إدارة المجلس واتخاذ القرارات. ويتم في بداية كل دورة برلمانية تحديد عدد أعضاء كل لجنة من اللجان الدائمة، ويتم انتخاب رئيس اللجنة ومقررها بالاقتراع السري داخل كل لجنة على حدة.
اللجان البرلمانية المؤقتة
أعطى النظام الداخلي للمجلس الحق في تشكيل لجان مؤقتة لأهداف محددة، وقد شكل المجلس العديد من هذه اللجان في دوراته العشر وكان من أهمها: لجان تقصي الحقائق حول قضايا متنوعة صحية وبيئية(تسرب شبكات الصرف الصحي)، واقتصادية (الشركات الاحتكارية)، وقضايا تتعلق بالحريات وحقوق الانسان (تقرير هيئة الرقابة العامة، الاعتداءات على المواطنين وأعضاء المجلس التشريعي، التدهور الأمني، فوضى السلاح) والقضايا السياسية(ملف المعتقلين السياسين، الحوار الوطني، تنفيذ قرارات المجلس، عملية الإصلاح، مشروع القانون الأساسي، مشروع قانون الانتخابات العامة، مشروع قانون الاحزاب السياسية) وقضايا المفاوضات (ملف المعابر، الانسحاب من غزة، ميناء غزة) وأخرى تنظيميةخاصة بعمل المجلس (وضع آلية لعمل اللجان، البث المباشر لجلسات المجلس، عملية إصلاح وتطوير عمل المجلس)، وفيما يلي جدول باللجان المؤقتة التي شكلها المجلس التشريعي الأول خلال دوراته العشر:
جدول يوضح عدد للجان المؤقتة التي شكلها المجلس الأول موزعة على دوراته العشر
الدورة
|
الأولى
|
الثانية
|
الثالثة
|
الرابعة
|
الخامسة
|
السادسة
|
السابعة
|
الثامنة
|
التاسعة
|
العاشرة
|
المجموع
|
العدد
|
17
|
2
|
2
|
1
|
2
|
3
|
2
|
- -
|
6
|
6
|
41
|
المؤسسة الإدارية المركزية:
أنشأ المجلس التشريعي مؤسسة إدارية مركزية في مقريه المؤقتين في رام الله وغزة، وذلك لإسناد المجلس والنواب في مهامهم الرئيسية، وتقديم المساعدة في الأمور التي تقع ضمن صلاحياتها. وكانت هذه المؤسسة تضم الدوائر التالية: دائرة مقرر عام المجلس واللجان، ودائرة الشؤون المالية، ودائرة الشؤون الإدارية، ودائرة الإعلام، ودائرة الشؤون القانونية، ودائرة العلاقات العامة والبرتوكول، والدائرة الفنية، ووحدة المساعدات الخارجية، ووحدة المرأة والطفل، ووحدة البحوث البرلمانية، والمكتبة البرلمانية، والمكاتب الفرعية.
شكل المجلس التشريعي مكاتب فرعية في كافة الدوائر الانتخابية ال16 ، وتكمن مهمتها الاساسية في ضمان التواصل بين الناخب والنائب، وتلَقي شكاوى المواطنين، وتوزيع منشورات ومطبوعات المجلس التشريعي، وعقد الندوات وورشات العمل التي تعرف بدور المجلس وتقوم بتنظيم اللقاءات الجماهيرية للنواب.
يذكر أنه طرأ تطور على الوضع الإداري في 13/2/ 2006 حيث تم فصل المستوى الإداري عن المستوى السياسي البرلماني، وتحولت المؤسسة الإدارية إلى أمانة عامة وفقا لتوصيات لجنة الاصلاح. كما تم إلغاء المكاتب الفرعية واستبدالها بمكاتب خاصة بالنواب.
آليات عمل المجلس:
وضع النظام الداخلي آليات عمل المجلس، وكيفية عقد جلساته واجتماعات لجانه، فالمجلس يعقد دورة برلمانية سنوية تنقسم إلى فترتين، مدة كل فترة أربعة أشهر، تبدأ الفترة الأولى في الأسبوع الأول من آذار/مارس، والثانية في الأسبوع الأول من شهر أيلول/سبتمبر.
جلسات المجلس علنية وتعقد كل أسبوعين، كما يمكن عقد جلسات سرية في حالات خاصة بناء على طلب من رئيس السلطة الوطنية أو رئيس المجلس وبموافقة ثلث أعضاء المجلس.
أما اجتماعات اللجان البرلمانية الدائمة فتعقد كل اسبوعين، في غير اسابيع الجلسات، وتعقد اجتماعات اللجان بدعوة من رؤسائها، أو بطلب من رئيس المجلس أو أمين السر أو غالبية الأعضاء.
وفي هذا الإطار كان للمجلس الأول عشر دورات منذ العام 1996 وحتى آذار مارس 2006 عقد خلالها ( 274) جلسة، منها ( 200 ) جلسة عادية و ( 74 ) جلسة خاصة. كما عقدت لجان المجلس أكثر من (1935)اجتماعا وجلسة استماع وجولة ميدانية، ونجم عن هذه الجلسات والاجتماعات ( 1005) قرارات حتى نهاية الدورة العاشرة، شملت مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والأمنية وحقوق الإنسان.
مهام المجلس التشريعي:
حدد المجلس التشريعي الفلسطيني ، وكما في أي برلمان ديمقراطي في العالم لنفسه مهمتين رئيسيتين: الأولى سن القوانين والتشريعات، والثانية مراقبة أداء السلطة التنفيذية، كما عمل المجلس على تنفيذ مهام أخرى، مثل تعزيز الديمقراطية والحياة البرلمانية، واحترام سيادة القانون في المجتمع الفلسطيني، ومهامه السياسية على الصعيدين الداخلي، وعلى صعيد العملية السلمية والمفاوضات، والتصدي لممارسات الاحتلال الاسرائيلي، ومهمة تتعلق بالدبلوماسية البرلمانية، وتوثيق علاقات المجلس التشريعي الفلسطيني بالبرلمانات العربية والدولية. وأخيرا مهمة المضي في عملية الإصلاح في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية.
انجازات المجلس الأول:
بالرغم من قلة الخبرة وحداثة التجربة البرلمانية الفلسطينية، وبالرغم من الصعوبات والعراقيل التي واجهها المجلس التشريعي بسبب الاحتلال، استطاع المجلس في الفترة ما بين 1996 - 2005 أن يعقد 274 جلسة عادية وخاصة، توزعت على دوراته العشرة، وجاءت حسب الجدول التالي:
جدول بعدد الجلسات وتوزيعها على دورات المجلس العشر
الدورة
|
الأولى
|
الثانية
|
الثالثة
|
الرابعة
|
الخامسة
|
السادسة
|
السابعة
|
الثامنة
|
التاسعة
|
العاشرة
|
المجموع
|
الجلسات العادية
|
39
|
28
|
21
|
16
|
18
|
12
|
7
|
15
|
21
|
23
|
200
|
الجلسات الخاصة
|
4
|
4
|
11
|
9
|
6
|
2
|
5
|
12
|
10
|
11
|
74
|
فماذا أنجز المجلس، وماهي المجالات التي صوب جهوده نحوها؟
أولا:في المجال التشريعي:
واجه المجلس التشريعي واقعا تشريعيا معقدا وفريدا من نوعه، فقد كان الوضع الفلسطيني يدار استنادا لخمسة أنظمة حكم مختلفة هي: القانون العثماني، وقانون الانتداب البريطاني، والقانون الأردني في الضفة الغربية، والقانون المصري في قطاع غزة، إضافة إلى الأوامر العسكرية للاحتلال الإسرائيلي؛ لذلك كانت المهمة الرئيسية الملقاة على عاتق المجلس هي توحيد القانون، والتأسيس لنظام قانوني فلسطيني، يعبر عن احتياجات وطموحات الشعب الفلسطيني.
وفي سياق تحقيقه لهدفه في انشاء نظام قانوني موحد، أُدرجَ على جدول أعمال المجلس 220 قانونا، أقر منها 93 قانونا، صادق رئيس السلطة الوطنية عليها، ونشرت بالجريدة الرسمية، كان من بينها ثمانية قوانين بشأن الموازنة العامة للسلطة، وتوزعت باقي القوانين على المجالات الاقتصادية والاجتماعية والقضائية والإدارية والأمنية، إضافة إلى مجال الحريات وحقوق الإنسان، وكان على رأس هذه القوانين: القانون الأساسي المعدل للسلطة الوطنية، وقد كانت القوانين التي ناقشها المجلس على الشكل التالي:
جدول يوضح القوانين التي ناقشها المجلس ووضعيتها
الرقم
|
وضعية القانون أو مشروع القانون في المجلس
|
العدد
|
1
|
قوانين أقرها المجلس وأصدرت
|
93 قانونا
|
2
|
قوانين أقرها المجلس ولم تصدر
|
7
|
3
|
مشاريع قوانين أقرها المجلس بالقراءة الثالثة
|
2
|
4
|
مشاريع قوانين أقرت بالقراءة الثانية
|
2
|
5
|
مشاريع قوانين أقرت بالقراءة الأولى
|
7
|
6
|
مشاريع قوانين قبلت بالمناقشة العامة
|
37
|
7
|
مشاريع قوانين في اللجان لإبداء الرأي
|
31
|
8
|
مشاريع قوانين تم إعادتها لمجلس الوزراء
|
7
|
9
|
مشاريع قوانين تم وقف نقاشها
|
4
|
10
|
مشاريع قوانين أجل نقاشها
|
8
|
11
|
مشاريع قوانين سحبها مجلس الوزراء
|
3
|
12
|
مشاريع قوانين رفضت
|
4
|
13
|
مشاريع قوانين أخرى
|
8
|
14
|
المجموع
|
220
|
ومن بين أهم القوانين التي أقرها المجلس، وصدرت في الجريدة الرسمية، وأصبحت نافذة: القانون الأساسي (دستور السلطة)، وقانون الخدمة المدنية، وقانون العمل، وقانون الانتخابات العامة، وقانون انتخاب المجالس المحلية، وقانون تنظيم الموازنة، وقانون الخدمة العسكرية، وقانون الزراعة، وقانون المرور، وقانون الطفل، وقانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، وقانون التأمينات الاجتماعية، وقانون الصحة العامة، وقانون المعاقين، وقانون الأسرى في السجون الإسرائيلية، وقانون سلطة النقد، وقانون ضريبة الدخل، وقانون المياه.
أصدر المجلس الأول أكثر من 1000 قرار، تناولت جميع نواحي الحياة الفلسطينية: السياسية والاقتصادية والمالية والتشريعية والاجتماعية، وقرارات خاصة بالوضع الداخلي وبالعلاقة بين المجلس التشريعي والسلطة التنفيذية، إضافة إلى قرارات تخص المجلس نفسه.
ثانيا-المجال الرقابي:
رسخ المجلس الأول تقاليد برلمانية عصرية في المساءلة والشفافية، وأكد على الفصل بين السلطات الثلاث، واحترام سيادة القانون، ومساءلة الوزراء والمسؤولين، ومراقبة أداء السلطة التنفيذية. ومن أجل هذه الغاية وضع المجلس آليات رقابة صارمة منها: حجب ومنح الثقة للحكومة ، يذكر أن المجلس أجبر الحكومة على الاستقالة في جلسته المنعقدة بتاريخ10/11/2002م
أقر المجلس الموازنات العامة للسلطة عام 1997، 1998، 1999 ، 2000 ، 2001، 2002 ، 2003 ، 2004 ، 2005 ، بعد مناقشات حثيثة مع السلطة التنفيذية، كما أقر خطة التنمية الفلسطينية، إضافة إلى مناقشة تقارير هيئة الرقابة العامة، واتخاذ القرارات الضرورية بشأنه.
مارس المجلس حقه في مساءلة الوزراء واستجوابهم، فقد بلغ عدد الأسئلة التي تم توجيهها للحكومة أو الوزراء خلال دورات المجلس العشرة: (434) سؤالا، شملت كافة القضايا والشؤون المدنية، والعدل، والصحة، والمالية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والشؤون الاجتماعية، والخارجية، والتخطيط، والاسكان، والعمل، والداخلية، والحكم المحلي، والأشغال العامة، والتربية والتعليم العالي، والسياحة والآثار، والزراعة، والاقتصاد الوطني، والشباب والرياضة، والأسرى، والأوقاف، والثقاقة والإعلام، وقد توزعت هذه الأسئلة على دورات المجلس على النحو المبين في الجدول التالي:
جدول يوضح توزيع الأسئلة على الدورات البرلمانية العشرة
الدورة
|
الأولى
|
الثانية
|
الثالثة
|
الرابعة
|
الخامسة
|
السادسة
|
السابعة
|
الثامنة
|
التاسعة
|
العاشرة
|
المجموع
|
العدد
|
2
|
69
|
44
|
82
|
15
|
_ _
|
21
|
60
|
79
|
61
|
434
|
استخدم المجلس أداة الاستجواب خمس مرات وذلك في قضايا تتعلق بالصحة والمعاقين والتربية والتعليم والفلتان الأمني، وقد فعَّل المجلس هذه الأداة في الدورة العاشرة (الأخيرة) حيث جاءت جميع هذه الاستجوابات في هذه الدورة.
رصد المجلس التشريعي الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية، وسعى إلى توجيه جهود السلطة التنفيذية لمواجهتها، وقد تم ذلك عبر لجان المجلس المتخصصة وهيئته العامة.
أصدر المجلس 80 قرارا عالجت استقلالية عمل الجهاز القضائي والرقابة على أداء الأجهزة الأمنية، ولم يقتصر المجلس على وظيفته التشريعية والرقابية فحسب، بل عمل على خلق تكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من جهة، ومؤسسات العمل الأهلي من جهة أخرى.
أصدر المجلس قرارات عديدة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، وتحريم مبدأ الاعتقال السياسي، وتأكيد التعددية السياسية، كما بذل جهودا حثيثة في دراسة شكاوى المواطنين المرفوعة له وحلها.
وبسبب الدور الرقابي المتقدم الذي مارسه المجلس الأول، فقد شهدت علاقاته توترات وصدامات مع السلطة التنفيذية وحتى مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، وكل ذلك من أجل ترسيخ سلطة القانون.
ثالثا- المجال السياسي:
ألقى الوضع السياسي الفلسطيني بظله على البرلمان الفلسطيني، مما جعله يختلف عن مثيلاته من البرلمانات الديمقراطية في العالم؛ فشكل 3 لجان غير موجودة في البرلمانات الأخرى وهي : لجنة القدس ولجنة الأراضي ومواجهة الاستيطان ولجنة اللاجئين، إضافة إلى لجانه المتعددة الموجودة في البرلمانات الأخرى.
توقف المجلس أمام مجمل القضايا الوطنية، وناقش باهتمام العملية السلمية خاصة المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، واستحقاقات المرحلة الانتقالية، واحتلت قضايا الحل النهائي (القدس واللاجئين والاستيطان والحدود) حيزا كبيرا من عمله، حيث أولى قضية القدس أهمية خاصة؛ فأقر قانونا خاصا للقدس العاصمة، كما تصدى المجلس ميدانيا للانتهاكات الإسرائيلية وسياسة التهويد وبناء البؤر الاستيطانية فيها. فأصدر قراره رقم: 275/ 7/3 والقاضي بنقل أعمال جلسته إلى ساحة برج اللقلق، داخل أسوار المدينة المقدسة، والتصدي جنبا إلى جنب مع الجماهير الفلسطينية للهجمة الاستيطانية المكثفة في المدينة المقدسة.
اتخذ المجلس 39 قرارا عالجت مختلف قضايا الاستيطان، وطالب من خلالها السلطة التنفيذية ضرورة وضع خطة مركزية لمواجهة الاستيطان ودعم صمود المواطن الفلسطيني على أرضه.
وفيما يتعلق بقضية اللاجئين: عقد المجلس جلسات خاصة، وأصدر 13 قرارا أكدت على حق العودة، طبقا لقرار الأمم المتحدة رقم 194 ، وكذلك تحسين الظروف المعيشية في مخيمات الداخل والخارج.
ناقش المجلس مطولا قضية الأسرى والمعتقلين، وخصص لها العديد من الجلسات، حيث طالب المجلس مرارا الجانب الإسرائيلي الإفراج عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب فورا، تنفيذا للاتفاقيات المبرمة في إطار عملية السلام، وعدم إبقائهم كرهائن في سياق عملية التفاوض.
تابعت لجان المجلس المختصة قضية جدار الفصل العنصري، وتم إرسال العديد من الرسائل لرؤساء البرلمانات الدولية، تشرح مخاطر هذا الجدار على عملية السلام وعلى رؤية الدولتين لشعبين، وقد توجت هذه الجهود بقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي والقاضي بإزالة الجدار وآثاره التدميرية.
رابعا- القرارات:
أصدر المجلس منذ تنصيبه في آذار /مارس من عام 1996 وحتى نهاية الدورة العاشرة (الأخيرة) نحو أكثر من 1005 قرارات غطت مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والحكم المحلي والقضايا التشريعية والتنظيمية الداخلية، يذكر أن معظم هذه القرارات جاءت عبر التوصيات التي تقدمت بها اللجان الدائمة والمؤقتة إلى المجلس، وقد توزعت هذه القرارات على المجالات التي تختص بها كما في الجدول التالي:
جدول يوضح تصنيف قرارات المجلس الأول حسب مجالات اختصاصاتها
الشأن السياسي
|
الشأن الشأن
التشريعي الاقتصادي
|
الشأن
المالي
|
الشأن
الاجتماعي
|
الوضع الداخلي
وحقوق الانسان
|
خاص
بالإصلاح
|
قرارات تنظيمية
|
القدس
|
مواجهة
الاستيطان
|
اللاجئين
|
الأسرى
|
سياسية
عامة
|
419 81
|
99
|
94
|
112
|
12
|
شؤون
المجلس
|
العلاقة بين المجلس
والسلطة التنفيذية
|
35
|
46
|
21
|
31
|
68
|
68
|
90
|
خامسا- في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان:
كرس المجلس جهدا كبيرا لتعزيز الديمقراطية وبناء أسسها؛ بهدف ترسيخ التقاليد البرلمانية في مجتمعنا الفلسطيني، وإشراك معظم قطاعات الشعب في صنع القرار، فقام بتحديد يوم السابع من آذار (ذكرى تنصيب المجلس) من كل عام يوما للديمقراطية في فلسطين، حيث نظم المجلس حملات شعبية واسعة، شملت: فعاليات إعلامية وفكرية وسياسية ونشاطات اجتماعية، تهدف إلى خلق تقاليد ديمقراطية حضارية في المجتمع الفلسطيني وضمان حرية الرأي والتعبير واحترام مبدا سيادة القانون وحقوق الإنسان.
سادسا - المجال الدبلوماسي:
نشط المجلس في بناء روابط وعلاقات مباشرة مع جميع برلمانات العالم، فقد زار المجلس أكثر من 650 وفدا عربيا وأجنبيا ، وكان من بين هذه الوفود رؤساء دول، ورؤساء حكومات، ورؤساء برلمانات، ووزراء خارجية، ومن أهم هذه الشخصيات: الرئيس الفرنسي جاك شيراك، والرئيس الصيني جيان زيمين، والرئيس الإيطالي كارلو تشامبي، والرئيس نيلسون مانديلا، كما قام أكثر من 250 وفدا من المجلس بزيارات إلى مختلف دول وبرلمانات العالم، حاملين القضايا الوطنية، وموضحين للعالم ممارسات الاحتلال على الأرض الفلسطينية وسياسته العنصرية.
كان من نتائج هذه الزيارات تشكيل أكثر من 22 لجنة صداقة برلمانية، كما أعطى هذا الجهد الدبلوماسي نتائج إيجابية، تمثلت بخلق فهم عميق للقضية الفلسطينية، وللظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا بسبب الاحتلال الإسرائيلي، كما خلق هذا الجو علاقات برلمانية قوية وثابتة مع معظم البرلمانات العالمية.
المجلس التشريعي وعملية الإصلاح:
يسجل للمجلس التشريعي الفلسطيني أنه لاحظ مبكرا وعبر الممارسة العملية عيوب النظام السياسي الفلسطيني وبعض جوانب سوء الأداء والإدارة في السلطة؛ لذلك تعامل المجلس بجدية مع أول وثيقة فلسطينية، ألقت الضوء على هذه العيوب، وهي تقرير هيئة الرقابة العامة الصادر في عام 1997 ، حيث شكل المجلس لجنة خاصة لدراسة وبحث هذا التقرير، فكان لها مجموعة من التوصيات، تبنَّى المجلس معظمها، وأهم هذه التوصيات:
1- غياب دور مجلس الوزراء كمؤسسة مستقلة، وبالتالي غياب دورها في إعداد مشاريع القوانين، وإقرار الأنظمة التي تنظم عمل الوزارات والمؤسسات العامة، إضافة إلى غياب خطة عمل واضحة يقوم بتطبيقها مجلس الوزراء.
2- تداخل وتكرار الصلاحيات بين الوزارات وعدم وضوح الهياكل الإدارية والتنظيمية لجميع الوزارات.
3- أوصت اللجنة بضرورة فصل اجتماعات مجلس الوزراء عن اجتماعات القيادة الفلسطينية.
على صعيد الإنفاق العام، وعبر دوراته، طالبت قرارات المجلس بضرورة توحيد حسابات السلطة الوطنية في حساب الخزينة العامة، كما طالبت بضرورة تطوير وزارة المالية، وبالتحديد دائرتي الموازنة العامة والرقابة والتدقيق، واستحداث دائرة تُعنى بإعداد الأنظمة واللوائح التنفيذية، وتحديدا أسس ومعايير الموازنة وآليات الانفاق.
أولى المجلس التشريعي أهمية كبيرة لتحديد الإطار الدستوري للسلطة الوطنية عبر إقراره بشكل مبكر للقانون الأساسي، وإصراره المستمر من أجل المصادقة عليه، وكذلك عبر إقرار قانون السلطة القضائية وضمان استقلال القضاء
شكلت مجموعة القرارات التي اتخذها المجلس على هذا الصعيد خطة شاملة للإصلاح في مختلف المجالات وخاصة في المجالات: المالية والإدارية والقضائية والأمنية، فقد دعا القرار (195/16/2) على سبيل المثال السلطة التنفيذية إلى ضرورة الالتزام بحدود الموازنة المعتمدة والتقيد بالقانون، وطالب القرار (217/23/2) السلطة التنفيذية بضرورة فتح حساب واحد لكل وزارة، ودعا القرار (134/ 3/1) وزارة المالية للإسراع بتقديم الهياكل الوظيفية لجميع الوزارات ومؤسسات السلطة، وضرورة الالتزام بهذه الهيكليات، وهناك العديد من القرارات الأخرى.
وتوج المجلس جهوده في إطار عملية الإصلاح بإصدار وثيقته التاريخية للإصلاح بتاريخ:16أيار /مايو 2002، والتي تضمنت ثلاثة أبواب هي:
1- الباب الدستوري، والدعوة إلى ضرورة إجراء انتخابات تشريعية وبلدية في أسرع وقت ممكن، لا يتجاوزالربع الأول من العام 2003
2- وخصص هذا الباب للسلطة التنفيذية، متناولا مجلس الوزراء ومالية السلطة الوطنية، وأجهزة الأمن وهيئة الرقابة العامة والوظائف العليا والمحافظين وديوان الموظفين.
3- السلطة القضائية وضرورة الحفاظ على استقلاليتها، ودعا المجلس إلى المصادقة على قانون السلطة القضائية.
وخطا المجلس خطوات هامة في إطار تأكيد مبدأ الفصل بين السلطات، عندما أقر التعديلات على القانون الأساسي التي تسمح باستحداث منصب رئيس الوزراء، ووجود مجلس وزراء يعمل بشكل مستقل له مهام واضحة، ويخضع للمساءلة والرقابة البرلمانية الكاملة، كما حددت التعديلات صلاحيات رئيس الوزراء ومهامه.
المصاعب والعقبات:
يعتبر المجلس التشريعي أول تجربة برلمانية فلسطينية منتخبة ديمقراطيا، ويقوم بعمل برلماني يومي، لذلك كان من الطبيعي أن يواجه هذا المجلس مصاعب وعقبات، خصوصا أنه يعيش ضمن حالة فلسطينية معقدة جدا، وفريدة من نوعها في العالم، فمن جهة كان الشعب الفلسطيني يقيم سلطته الوطنية وكيانه السياسي على أرضه في ظل استمرار وجود الاحتلال الإسرائيلي، وعدم قدرة هذه السلطة الفتية على بسط سيادتها على كامل الأرض والشعب الفلسطيني، ومن جهة أخرى كان الشعب الفلسطيني يمر بمرحلة ينتقل خلالها من حالة الثورة إلى حالة الدولة، وبناء المجتمع المدني الديمقراطي بما فيها من تعقيدات وعدم وضوح، خصوصا في كيفية التعامل مع مبدأ فصل السلطات، وأيضا مع مبدأ احترام سيادة القانون.
وإذا كان قدر المجلس التشريعي أن يعمل في ظل هذا الظرف الموضوعي المعقد، فإنه -أي المجلس- قد بدأ عمله في ظل ظرف ذاتي لا يقل صعوبة وتعقيدا، وبالتحديد أنه بدأ يعمل من نقطة الصفر، سواء على صعيد نقص التجربة البرلمانية، أو على صعيد عدم وجود مؤسسة إدارية تمتلك الخبرة لتقدم له الدعم للقيام بمهامه البرلمانية، أو في عدم وجود قاعة أو مبنى خاص بالمجلس يعقد جلساته فيه أو يدير شؤونه من خلاله.
وإلى جانب هذا النهج الذي كرسته رئاسة المجلس في تأسيس المؤسسة الإدارية المدربة والمهنية، فإن النواب أنفسهم كان عليهم أن يتلمسوا دورهم البرلماني من خلال التجربة المباشرة، والتعلم من الخطأ والصواب أثناء قيامهم بمهامهم التشريعية والرقابية، وتطوير أدوات وآليات عمل يمكنها أن تساعدهم في هذه المهام البرلمانية الجديدة عليهم.
آثار العدوان والحصار على عمل المجلس:
في إطار العدوان الإسرائيلي المستمر على شعبنا منذ 28 أيلول/سبتمبر 2000م، قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية بفرض حصار وإغلاق شامل ومشدد على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، حيث قطعت أوصال الوطن بأكثر من 600 حاجز عسكري والتي قيدت تنقل الأفراد والبضائع. لقد ترك العدوان والحصار الإسرائيلي آثاره السلبية والمدمرة على مجمل الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الفلسطينية وعلى عمل مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، ومن بينها المجلس التشريعي الفلسطيني الذي تعطلت إمكانية عقد جلساته واجتماعات لجانه، مما أثر بشكل مباشر على أداء المجلس لدوره ، وقيامه بمهامه؛ فقد منع نواب الشعب الفلسطيني المنتخبون من التنقل وممارسة عملهم، وتكفي الإشارة إلى أن المجلس التشريعي لم يتمكن سوى من عقد42 جلسة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في أيلول 2000 وحتى مطلع 2004 بالمقارنة مع 44 جلسة عقدها في دورته الأولى عام 1996-1997 .
وبالرغم من هذه الظروف الصعبة، وبالرغم من توجه الجهد الفلسطيني نحو التصدي ومواجهة العدوان الإسرائيلي، إلا أن المجلس التشريعي حرص على عدم تغييب دوره التشريعي والرقابي والسياسي، فواصل عمله وعقد جلساته في رام الله وغزة عبر نظام الربط التلفزيوني ال video conference ، وهو بذلك أول برلمان في العالم وفي التاريخ يعقد جلساته بهذه الطريقة.
وحقق المجلس التشريعي انجازات مهمة في ظل ظروف العدوان والحصار المشار إليهما، ومن أبرز هذه الإنجازات وثيقة الإصلاح التي أصدرها المجلس في 16 أيار/مايو 2002 وأجبر الحكومة على الاستقالة في 11 أيلول /سبتمبر 2002 وقيامه بتعديل القانون الأساسي بما يخدم مبدأ الفصل بين السلطات وإزالة التداخل في الصلاحيات بين مؤسسات السلطة الوطنية، كما أصدر وأقر العديد من القوانين، إضافة إلى إقراره الموازنات العامة للسلطة بعد دراستها ومناقشتها وإدخال التعديلات الضرورية عليها.